كشف تقرير جديد أن نحو 14.3 مليون طفل حول العالم لم يتلقوا أي جرعة تطعيم طوال حياتهم. ويُعزى ذلك، وفقًا لخبراء الصحة العامة، إلى أن مناطق النزاع تُشكّل عقبة خطيرة تعيق جهود تطعيم الأطفال على مستوى العالم.
وتنشر منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) سنويًا، تقرير شامل، يتناول تقديرات نسب التغطية بالتطعيمات الوطنية، استنادًا إلى بيانات مأخوذة من 195 دولة. وورد في تقرير هذا العام، الصادر الإثنين، إحراز تحسّن طفيف لجهة حماية الأطفال من بعض الأمراض بفضل التطعيمات الروتينية.
وفقًا للتقرير، فإنّ عدد الأطفال غير المطعّمين تراجع بنحو 171 ألف طفل مقارنة بعام 2023. رغم هذا التقدّم، إلا أنه لا يزال هناك أكثر من 14 مليون طفل عرضة لأمراض يمكن الوقاية منها بالتطعيم، بالإضافة إلى 5.7 مليون طفل لم يحصلوا إلا على حماية جزئية، لأنهم لم يتلقوا جميع الجرعات الموصى بها من بعض اللقاحات.
فيروس قد يسبب الشلل عند الأطفال يتفشى بأمريكا.. ما هو وهل من لقاح له؟
وقالت الدكتورة كيت أوبراين، مديرة إدارة التحصين واللقاحات والبيولوجيا في منظمة الصحة العالمية، خلال مؤتمر صحفي، إن "التقديرات الأخيرة تعكس مسارًا مقلقًا للغاية"، مضيفة أنّ "الرؤية العالمية تتمثل في أن يستفيد الجميع، في كل مكان، من اللقاحات المنقذة للحياة. بيد أننا وصلنا إلى حائط مسدود، اختراقه بات أكثر صعوقة لحماية المزيد من الأطفال من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات".
اللقاحات
عاملة صحية تضع علامة على باب منزل زارته ضمن حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في نيجيريا.
ولفتت إلى أن تصاعد النزاعات وظهور مناطق حرب جديدة حول العالم قوّض بعض التقدّم الذي أُحرز في مجال توفير اللقاحات للأطفال، ما أدى إلى بقاء أعداد كبيرة من الأطفال من دون تطعيم، خصوصًا في الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسّط.
وأوضحت أوبراين أنّ "الأطفال الذين يعيشون في واحدة من 26 دولة متأثرة بالهشاشة، أو النزاع، أو الأزمات الإنسانية، عرضة لأن يكونوا غير مطعّمين بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنة بالأطفال الذين يعيشون في دول مستقرة"، لافتة إلى أنه "على أرض الواقع هناك نصف عدد الأطفال غير المطعّمين في العالم يعيشون بهذه الدول الهشّة والضعيفة والمتأثرة بالصراعات".
أشار التقرير الجديد إلى أنه في العام الماضي، كانت تسع دول مسؤولة عن 52٪ من إجمالي الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من اللقاحات،
منظمة الصحة العالمية توصي بأول لقاح ملاريا للأطفال
وأشار الدكتور إفرم ليمنغو، المدير المساعد للصحة ورئيس قسم التحصين العالمي في اليونيسف إلى أن "معدلات التغطية باللقاحات تأثرت في الدول ذات الدخل المرتفع، على الأرجح بسبب التردد بتلقي اللقاح، وفقدان الثقة بالمؤسسات، ما أدّى إلى عودة ظهور أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الحصبة وشلل الأطفال".
وتابع ليمنغو في المؤتمر الصحفي أنه "استنادًا إلى ما نعرفه، تم إنقاذ أكثر من 150 مليون حياة خلال الخمسين عامًا الماضية بفضل التطعيم، وقد ساعد ذلك على حماية الأطفال من جميع أشكال الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات".
وأعرب عن أسفه لانتشار "المعلومات المضللة، وأي شكل من أشكال التردد تجاه اللقاحات، لأن ذلك يعكس نقصًا أوسع في الثقة أو فقدان الثقة في الأنظمة التي توفّر اللقاحات، وفي العاملين الصحيين الذين يقدمون اللقاحات، وكذلك في المنشآت أو البيئة التي تُصنع فيها اللقاحات. لذا من المهم أن نعتبر المعلومات المضللة أو نقص المعلومات جزءًا من منظومة أوسع يجب معالجتها".
وأشارت أوبراين إلى أن المعلومات المضللة تُسهم في تفشي الأمراض في بعض المناطق داخل البلدان التي تمتلك معدلات تطعيم مرتفعة عمومًا، ما يدّل على وجود "مجتمعات مخفية تحت هذه الأرقام الوطنية التي تتمتع بتغطية تطعيم منخفضة جدًا، وهنا تحدث التفشيات، وتتزايد معاناة الأطفال".