الثلاثاء 04 نوفمبر 2025 - 3:34 PM بتوقيت عدن

"إفتهان المشهري" الجريمة والعقاب، لمصلحة من؟

2025/09/25
"إفتهان المشهري" الجريمة والعقاب، لمصلحة من؟

شقائق / تقرير/خاص

 

هل كان اغتيال افتهان المشهري مجرد جريمة جنائية مرتبطة بخلاف مالي؟ أم أن الأمر أعمق، متشابك بخيوط سياسية ومصالح متضاربة داخل تعز؟ ولماذا انتهت القصة سريعًا بتصفية المتهم الرئيسي بدلًا من تقديمه للعدالة؟ أسئلة ثقيلة تضعنا أمام مشهد غامض تتداخل فيه السياسة مع الدم.


تقرير:
هشام صويلح


18 سبتمبر، رصاصات في قلب تعز


في ذلك اليوم، استيقظت مدينة تعز اليمنية على خبر اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين، افتهان المشهري، التي قُتلت بثلاثين طلقة نارية أطلقها مسلحون على دراجة نارية. المشهري لم تكن موظفة عادية، بل ناشطة حملت ملفات فساد، وتعرّضت لتهديدات مباشرة من شخصيات نافذة، ذكرت أسماءهم بنفسها في تسجيلات سابقة.


مسرح الجريمة وملامح التواطؤ


روايات الشهود تحدثت عن استدراجها من منزلها عبر اتصال هاتفي، ثم إعدامها في جولة سنان. بن هود الحميري وصف المشهد قائلًا: "أخرجوها من بيتها وأعدموها بثلاثين طلقة… سرقوا حقيبتها ونهبوا حاجاتها بما فيها تلفونها. الذي سرق الحقيبة عسكري حسب الشهود. أين الأمن؟"
هذه التفاصيل أوحت أن الجريمة منظمة، تقف خلفها جهات تملك النفوذ والسلاح.

 

الصندوق الأسود يُصفّى


لم يكد يمضي أسبوع حتى أعلنت شرطة تعز مقتل محمد صادق المخلافي، المتهم الرئيسي في اغتيال المشهري. البيان الأمني قال إنه قُتل خلال مقاومته الحملة الأمنية، لكن ردود الفعل كانت مغايرة.
رئيس صحيفة الأمناء، عدنان الأعجم، اعتبر أن قتله يعني إغلاق الملف: "مقتل محمد صادق المخلافي يعني قتلوا الصندوق الأسود."
أما رائد العيسي فذهب أبعد من ذلك: "بسرعة وصلت الأوامر تخلصوا منه حتى لا يكشف بلاويهم في تعز."

 

شهادات واعترافات تكشف المستور


قبل مقتله، ظهر فيديو مسرّب للمتهم محمد صادق المخلافي، كشف فيه عن ضلوع قيادات إخوانية:
"محمد سعيد المخلافي طلب مني تصفية افتهان المشهري، ووعدني بالتواصل مع شقيقه حمود المخلافي لتوفير الدعم المالي. الدافع كان قطع رواتبي لثلاثة أشهر، ومحمد سعيد كان يخشى أن تفضح افتهان جرائمهم."
هذا التصريح وضع جماعة الإخوان مباشرة في دائرة الاتهام، خصوصًا مع تصريحات المقدم أسامة الشرعبي، المتحدث باسم شرطة تعز، الذي أكد أن شقيق حمود المخلافي سبق أن عرقل جهود ملاحقة المتهم.


سياق دموي متكرر


مقبل مقرانه لخص المشهد قائلًا: "قضية افتهان ليست الأولى، فقد سبقها جرائم قتل كثيرة في تعز وكان القتلة يجدون الحماية والتغطية من سلطة الإخوان المسيطرين على المدينة."
بينما أضاف فهد الفهد أن دماء افتهان كشفت عمق الانفلات الأمني: "كشفت دماؤك الزكية حقيقة المتورطين وفضحت من يمدّون القتلة بالغطاء والحماية."


البعد السياسي للجريمة


الجريمة، بحسب مراقبين، لم تكن سوى انعكاس لصراع سياسي داخل تعز، حيث تستخدم فصائل الإخوان العنف كأداة لحماية نفوذها. اغتيال افتهان بدا أنه استهداف مزدوج: إسكات صوت فضح الفساد، وإرسال رسالة لكل من يفكر في مواجهة تلك الشبكات.


المستفيد الحقيقي


بين الرصاص والاعترافات والتصفيات، يبقى السؤال مفتوحًا: من المستفيد من إسكات افتهان ومن بعد إسكات قاتلها؟ هل كان الهدف مجرد إغلاق ملف مزعج، أم أن وراء الجريمة صراعًا أكبر على السلطة والمال في مدينة تعز؟ المؤكد أن القضية لم تُغلق، بل تحولت إلى مرآة عاكسة لمدى تعقّد المشهد وتعاظم نفوذ الفوضى.

مشاركة الخبر