يوماً بعد يوم، يرتفع مؤشر الخطر القادم من القرن الأفريقي مع تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة القادمين الى سواحل الجنوب، ومنها الى العاصمة عدن وبقية مدن الجنوب. تتسع رقعة الخطر تدريجياً في ظل غياب الحلول الرادعة.
وبحسب مصادر، يتخذ آلاف المهاجرين اليمن جسر عبور للوصول إلى دول الخليج العربي.
ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام الماضي 2024م، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية، أن الأيام الأولى من العام 2025م، شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة، شرق عدن.
وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة كيدة، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية، بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
كما أعلنت شرطة محافظة شبوة يوم 5 يوليو 2025م، ضبط 150 شخصًا من المهاجرين غير النظاميين بساحل كيدة في مديرية رضوم، قادمين من القرن الأفريقي.
وبذلك يرتفع عدد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين الذين أعلنت السلطات الأمنية بشبوة ضبطهم خلال الأسابيع الماضية إلى 550 مهاجرًا، وصلوا إلى سواحل المحافظة بطرق غير نظامية، بينهم 120 رجلًا و30 امرأة من الجنسية الإثيوبية.
وتشهد سواحل محافظة شبوة تزايدًا في محاولات التسلل والهجرة غير النظامية، مما يضع عبئًا كبيرًا على الأجهزة الأمنية في ظل الظروف الهشة الراهنة.
وفي محافظة لحج، أحبطت الأجهزة الأمنية الجنوبية، يوم 20 مايو 2025م، عملية تهريب واسعة لمهاجرين أفارقة، عقب تنفيذها عملية بحرية ناجحة.
وبحسب المركز الإعلامي لقوات الحزام الأمني، فإن القوة البحرية التابعة لحزام الصبيحة اعترضت زورق تهريب من نوع "سنبوق"، كان في طريقه إلى مناطق خاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، وعلى متنه 119 مهاجرًا أفريقيًا وأربعة مهربين ينتمون لمحافظات خاضعة لجماعة الحوثي.
وأوضح البيان أن مليشيا الحوثي تستغل المهاجرين في جبهات القتال، إما كدروع بشرية أو لأغراض دعائية لاستعطاف منظمات دولية والحصول على دعم إنساني.
كما أعلنت الحملة الأمنية المشتركة في محافظة لحج يوم 12 مايو 2025م، عن تمكنها من إحباط عملية تهريب لمهاجرين أفارقة، قبالة سواحل مديرية رأس العارة حاولوا الدخول إلى البلاد بطريقة غير قانونية.
وقال المركز الإعلامي للحملة إن الوحدات الأمنية ضبطت قارباً كان يقل 132 مهاجراً غير شرعي من دول القرن الأفريقي، واصفاً تلك العملية بالنوعية وأنها تُعد واحدة من أكبر عمليات الضبط خلال العام الجاري 2025م.
مشيراً إلى أن العملية أسفرت أيضاً عن إلقاء القبض على أربعة أشخاص من "مهربي البشر"، كانوا يقودون القارب ويعملون على نقل المهاجرين عبر البحر بطرق غير نظامية.
ولفت إلى أنه تم تسليم المهربين إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
تسلل ومخاطر بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية:
رغم النجاحات الأمنية إلا أن عمليات التهريب لا تزال مستمرة. وبحسب مصادر، نجح ألوف المهاجرين الأفارقة في التسلل والعبور إلى العاصمة عدن بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية، ما يرفع مؤشر حدوث اختلالات أمنية وجرائم سرقة وتهريب الأسلحة والمخدرات، ومخاطر لا تعد ولا تحصى تتربص بأهالي العاصمة عدن، خصوصًا كونها تحتضن الكم الأكبر.
وباتت مشكلة المهاجرين الأفارقة الواصلين بطرق غير شرعية تؤرق سكان العاصمة عدن، وتضاعف من وطأة الأزمات في ظل تزايد الأعداد الواصلة بشكل شبه يومي.
على أرصفة الشيخ عثمان والمنصورة وخور مكسر يتجمع العشرات من المهاجرين، أغلبهم يحملون الجنسية الإثيوبية، في تجمعات باتت تشكل خطراً على السكان في العاصمة.
في مقابل ذلك، لا توجد إحصائية دقيقة لأعداد المهاجرين الأفارقة المتواجدين في العاصمة عدن، إلا أن السلطات المحلية تؤكد أن الأعداد تتجاوز 6 آلاف شخص، يتوزعون في عدة مديريات رئيسية، وصلوا إلى عدن عبر طرق رئيسية واصلة إلى محافظة لحج.. مشيرة إلى أن المهاجرين وصلوا إلى الشريط الساحلي الغربي لمحافظة لحج، قبل أن يتحرك البعض منهم صوب عدن للاستقرار فيها.
معاناة تثقل كاهل الدولة والمجتمع:
في ظل استمرار الهجرة إلى الجنوب، تتضاعف المعاناة على كاهل الدولة والمجتمع، فالدولة تعاني انهياراً اقتصادياً، وغير قادرة على إطعام شعبها وتلبية احتياجاته الأساسية أو صرف المرتبات في وقتها، كما ان البنية التحتية بالعاصمة عدن هشة ومستوى الخدمات متدنٍ.
وتعاني اغلب الأسر فقرًا وعجزًا في تلبية متطلباتها الأساسية، إلى جانب ما تعانيه المستشفيات من تدنٍ كبير في مستوى الخدمة. وبما أن أغلب المهاجرين يقضون لياليهم في العراء أو في مبانٍ مهجورة غير آمنة، فإن ذلك يجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، ناهيك عن الأمراض التي يجلبونها معهم من بلدهم الأم، ما يضاعف الضغط على المستشفيات بالعاصمة عدن. بالإضافة إلى التهديدات الأمنية، ففي الآونة الأخيرة تم تسجيل عدد من حالات تهريب الممنوعات بواسطة أشخاص مهاجرين من القرن الأفريقي، تم ضبطهم من قبل الأجهزة الأمنية بمحافظة أبين.
وبحسب تقارير، فإن الظواهر السلبية المرافقة لتلك الهجرة في تنامٍ مستمر، وأنه يتعين على جهات الاختصاص سرعة التحرك قبل خروج الوضع عن السيطرة. لا سيما أن تلك الهجرة لا تندرج تحت إطار النزوح القهري الإنساني الخارج عن الإرادة، وإنما هي عمليات هجرة اختيارية ينفق لأجلها أولئك المهاجرون المال، وتتم عبر عصابات تهريب اتخذت منها مهنة وتجارة رابحة، غير مبالين بالتبعات السلبية المترتبة سواءً على المهاجرين أو على البلد المضيف.
وكانت تقارير أممية صدرت في أوقات سابقة دقت ناقوس خطر كبير، مفاده أن الجنوب سيكون عرضة للمزيد من التردي المعيشي، كونه يمثّل وجهة للمهاجرين الأفارقة الذين يشكل وجودهم تحدياً خطيراً على الاستقرار في الجنوب.
الحوثي يجند المهاجرين الأفارقة لأعمال قتالية وتهريب:
إلى ذلك، قالت تقارير إعلامية إن جماعة الحوثي تقوم باستجلاب المهاجرين الأفارقة من بلدانهم للزج بهم في جبهات القتال، واستخدام البعض منهم بأعمال تهريب للالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وبحسب التقارير، فإن جماعة الحوثي بدأت مؤخراً بتجنيد مهاجرين من أصول أفريقية إلى صفوفها، قدموا إلى اليمن من دول في القرن الأفريقي، بينها إريتريا وإثيوبيا والصومال وجيبوتي.
أمن عدن يناقش أوضاع المهاجرين الأفارقة مع منظمة الهجرة الدولية:
في السياق، وبه نختم التقرير، ناقش نائب مدير أمن العاصمة عدن العميد أبو بكر جبر، يوم 27 يوليو 2025م في مكتبه، أوضاع المهاجرين الأفارقة مع وفد رفيع المستوى من منظمة الهجرة الدولية، يتقدمهم الأستاذ مهند الربيعي مدير مكتب المنظمة في العاصمة عدن، والسيدة نتاليا مديرة قسم حماية المهاجرين، والأستاذ تشربل جورج سمعان مدير القسم الطبي لمكتب الهجرة الدولية بعدن.
ناقش اللقاء جملة من القضايا الهامة المتعلقة بالهجرة الدولية، وأوضاع المهاجرين الادإثيوبيين وغيرهم من الوافدين غير الشرعيين إلى البلاد، والعمل على تطوير المراكز التي من شأنها تساعد من عملية التنظيم المتعلق بالمغادرة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم.
وأكد العميد جبر على ضرورة تكاتف الجهود بين كافة الجهات المعنية، من أجل مواجهة ظاهرة تهريب المهاجرين الأفارقة إلى البلاد، والذين أصبحوا يشكلون تحدياً أمنياً وإنسانياً، خاصة وأن بلادنا تشهد ظروفاً أمنية واقتصادية صعبة.