الخميس 07 أغسطس 2025 - 5:44 AM بتوقيت عدن

لتحصل على لقمة العيش.. أسر جنوبية متعففة تعرض مقتنياتها في أسواق الحراج

2025/08/06
لتحصل على لقمة العيش..   أسر جنوبية متعففة تعرض مقتنياتها في أسواق الحراج

شقائق / فتحية علي

 

يواجه سكان العاصمة عدن خصوصًا وبقية محافظات الجنوب عموماً، أزمة اقتصادية وخدمية غير مسبوقة، أتت على خلفية الانهيار المستمر للريال اليمني الطبعة الجديدة المتداولة في الجنوب وتبعاته من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمحروقات، بالإضافة إلى توقف صرف الرواتب التي هي الأخرى فقدت قيمتها الشرائية، حيث أصبح راتب الموظف في المتوسط يعادل 100 ريال سعودي فقط، لا يكفي لتغطية مصاريف أسبوع واحد. 

أزمات أدت إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مما جعلهم غير قادرين على تغطية احتياجاتهم الأساسية، لا سيما مع لجوء بعض المحلات التجارية إلى تسعير السلع بالريال السعودي، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي للمواطنين.

وأدى الانهيار الاقتصادي إلى تلاشي الطبقة الوسطى في المجتمع، وانضمام العديد من الأسر إلى صفوف الفقراء بسبب عدم قدرتهم على مجاراة تكاليف المعيشة.

أسر متعففة استنفدت مدخراتها وأخرى باعت مقتنياتها في سوق الحراج:

              

ومع تراكم الديون وإيجارات المنازل التي تدفع في الغالب بالريال السعودي، وعجز أغلب الأسر على توفير الحد الأدنى من المتطلبات، اضطرت بعض الأسر الجنوبية المتعففة التي استنفدت مدخراتها إلى بيع مقتنياتها في سوق الحراج، لتحصل على لقمة عيش أو لتسديد قيمة إيجار المنزل، أو لسداد بعض الديون. 

وبحسب تقارير، أصبح الأهالي غارقين في الفقر والجوع والبؤس، وصار معظمهم غير قادر على تأمين احتياجات أطفاله الضرورية اليومية، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع الأساسية مما ينذر بعواقب وخيمة حال استمرار هكذا وضع،

مؤكدين أن الموقف جداً خطير والحاجة ماسة لإيجاد حلول عاجلة، والعمل على وقف تدهور العملة المحلية واتخاذ تدابير فورية تعيدها إلى سابق عهدها، لا سيما تمتلك الجنوب إيرادات مالية كبيرة، نفطية وغازية ومن الموانئ والضرائب وغيرها من الأوعية، إذا ما تم تحصيلها وتوريدها بأمانة إلى البنك المركزي بالعاصمة عدن.

اختناق ووضع لا يطاق:

وبحسب شهادات مواطنين، أكدوا أن السيل قد بلغ الزبى، اختناق يلاحق المواطن أينما اتجه، في البيت والشارع والبقالة وبمرفق العمل. أوضاع كارثية مؤلمة لا تطاق ولا يستطيع المواطن البسيط التعايش معها. فيما تتضاعف الأعباء على شريحة الموظفين الحكوميين، الذين يجدون أنفسهم شهريًا أمام معادلة مستحيلة بين الدخل الشهري الهزيل المتآكل والإنفاق الذي يعادل عشرة أضعاف الدخل.

 

فشل حكومي أسقط هيبة ومكانة الموظفين الحكوميين بالمجتمع، ولم تسلم شريحة التجار والمستوردين من انعكاسات وتداعيات ذاك الفشل الحكومي، الذين عبّروا عن قلقهم من استمرار تدهور سعر الصرف، مؤكدين أن تقلبات السوق حالت دون قدرتهم على استيراد البضائع، وبأن أموالهم بالعملة الصعبة تبدد وتضيع في شراء المواد مقابل بيعها بعملة يمنية لا قيمة لها، مما قد يُنذر بأزمة تموينية وشيكة إذا لم يتم التدخل العاجل لوقف الانهيار وضبط السوق.

وحمّل خبراء اقتصاديون الحكومة والبنك المركزي مسؤولية التدهور، مؤكدين أن غياب الرقابة الرسمية على الأسواق ومحلات الصرافة، وتلاشي دور البنك المركزي في ضبط السياسة النقدية، واستمرار تعويم العملة، أتاح المجال للمضاربات العشوائية، وساهم في تفاقم الوضع المالي للبلاد.

ويؤكد الخبراء أن الأزمة لم تعد مجرد أزمة صرف أو تضخم، بل تحولت إلى خطر مباشر للأمن الغذائي والاجتماعي، يهدد كينونة الإنسان الجنوبي، ما يستدعي تدخلًا سريعًا عبر حزمة من الإجراءات تشمل تفعيل أدوات البنك المركزي، وإعادة هيكلة السياسات المالية، وتوفير دعم خارجي يساهم في تثبيت العملة.

فساد وتبديد الايرادات فاقم الازمة الاقتصادية:

يرى مراقبون أن لا حلول جذرية تبدو في الأفق القريب لإخراج البلاد من ضائقتها المالية، مجرد ترقيعات مؤقتة إن وجدت مصحوبة بتصريحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع.

وكانت تصريحات الأستاذ أحمد غالب المعبقي، محافظ البنك المركزي اليمني الأخيرة بمثابة اعترافات صادمة حول نهب الإيرادات بطريقة منظمة وممنهجة ومخالفة للدستور والنظام والقانون. وأرجع المحافظ "المعبقي" أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومة الشرعية إلى عدة أسباب يقف في مقدمتها :

- توقف تصدير النفط الخام، مشيراً إلى أن الدولة كانت تعتمد على إيرادات النفط الخام بشكل رئيسي، كونها تمثل 65% من الإيرادات العامة.

- ويرى المعبقي أن هناك سبباً رئيسياً آخر لنهب إيرادات الدولة والعبث بها، ويتمثل في أن أكثر من 147 مؤسسة حكومية إيرادية لا تخضع لأي رقابة حقيقية، وهذه الفئة هي الوحدات الاقتصادية من هيئات ومؤسسات وشركات وبنوك، والتي تخضع للقانون رقم (35)لسنة1991م بشأن الهيئات والمؤسسات والشركات العام، حيث أن إنشاء هذه الوحدات جاء لتقديم خدمة للمواطن ورفد خزينة الدولة من فائض الأرباح بنسبة 65%، بينما الواقع أن هذه الوحدات أصبحت عبئاً على الدولة  بسبب التزام الحكومة ممثلة بوزارة المالية بدفع مرتبات الوحدات العاجزة وغياب رفد خزينة الدولة من فائض الأرباح من قبل المؤسسات الربحية والايرادية، بسبب فتح حساباتهم في البنوك الخاصة ومحلات الصرافة، بمخالفة للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990م، وذلك يتسبب بمنع الحكومة ممثلة بوزارة المالية من خصم حصة الدولة من فائض الأرباح، وكذا ضياع السيولة النقدية من البنك المركزي.

كما يرى الأستاذ أحمد غالب المعبقي، محافظ البنك المركزي اليمني، أن غياب الموازنة العامة للدولة سبب رئيسي لمعضلة العجز ويجب عمل ميزانية حكومية حقيقية. 

وبحسب اقتصاديين، فإن محافظ البنك المركزي اليمني يرى أن تحرير سعر صرف الدولار الجمركي، حل يسهم في اجتياز الأزمة إضافة لما ورد أعلاه، وأن هذه النقطة يقاتل عليها محافظ البنك المركزي منذ فترة، وسيتم استثناء السلع الأساسية من رفع سعر صرف الدولار الجمركي، ولكن لا تنفع هذه الخطوة إلا بتوحيد جميع الإيرادات المركزية طرف البنك المركزي وفي حساب الحكومة العام، بحسب القانون، وإبعاد يد السلطات الأخرى من نهب الموارد المركزية لتستفيد منها الدولة بزيادة الإيرادات وتدفق السيولة النقدية للبنك المركزي.

 

ختاماً..

المواطن الجنوبي في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، أصبح يصارع لأجل البقاء على قيد الحياة فحسب، لأجل توفير 3 وجبات غذائية لأطفاله وأفراد أسرته في اليوم، وإذا ما وفرها اليوم يظل القلق يساوره من أين يأتي بمصاريف الغد؟ أوضاع كارثية معها يزداد الاحتقان والغضب الشعبي يوماً بعد يوم.

 

مشاركة الخبر