الخميس 07 أغسطس 2025 - 6:10 AM بتوقيت عدن

دور الوالدين في التنشئة الاجتماعية للطفل

2025/08/05
دور الوالدين في التنشئة الاجتماعية للطفل

شقائق / تقرير : أفراح الحميقاني

 

يلعب الوالدان دوراً مهما في التنشئة الاجتماعية للطفل، إما بالسلب أو الإيجاب. فمثلاً التنشئة السليمة للطفل من قبل الوالدين ينتج عنها طفل سليم من الناحية النفسية والأخلاقية، ويكون الطفل إيجابياً ونافعاً في مجتمعه، أما التنشئة الخاطئة للطفل والتي ينقصها تعلم المعايير والأدوار الاجتماعية السليمة والمسؤولية الاجتماعية، أو تقوم على الاتجاهات السلبية للوالدين مثل التسلط والرعاية الزائدة والتدليل، والتمييز الذكور على الإناث، وتفشي الأخلاق البيئية السيئة في محيط الأسرة وصراع الأدوار، فينتج عنها طفل حاقد على الآخرين وعلى مجتمعه، فالطفل الذي يمارس عليه العنف يُعنف غيره. كما أن انفصال الوالدين قد يؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل بصورة خطيرة من الناحية النفسية والانفعالية والاجتماعية.

وقد أجرينا هذه اللقاءات لتلمس الآراء حول دور الوالدين في التنشئة الاجتماعية للطفل:

تأثيرات قد تستمر مدى الحياة:

أشارت د. هناء شفيق أمان، مختصة بإدارة مشاركة المجتمع في مكتب التربية والتعليم - عدن، إلى أن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع، وهي المصنع الذي ينشأ فيه الطفل والأسرة، وهي مجموعة من العلاقات داخل المنزل تسودها الرعاية والعطف والأمن والأخذ بيد الطفل في كل ناحية من نواحي شخصيته، فالطفل بجانب ما يأخذه من أبويه من رعاية وعطف وإشباع لحاجاته المتنوعة، هو بحاجة إلى سلطة ضابطة تتمثل في الأبوين.

وأضافت أنه بجانب السلطة، يجب أن تكون هناك القدرة الصالحة في التربية، وهي من أنجح الوسائل المؤثرة في إعداد الطفل خلقياً وتكوينه نفسياً واجتماعياً، وذلك يحدث عن طريق التنشئة الاجتماعية السليمة في الأسرة للطفل. فكلما كان الوالدان على درجة عالية من العلم والتوافق بينهما والنضج والوعي، كانت الحياة الأسرية تسير بشكل طبيعي وسوي للطفل.

وتابعت د. هناء أمان قائلة: تكمن أهمية دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية للطفل، من خلال العبارات التشجيعية التي تقال من قبل الوالدين للطفل، مثل: (أنا أحبك يا ولدي - أنت ذكي - يمكنني الاعتماد عليك....) وغيرها من العبارات التي تزرع في الطفل الثقة في نفسه وتشجعه على بناء شخصية إيجابية.

وأكدت أمان على ضرورة غرس قيم إيجابية وسلوكية، وأخلاق اجتماعية تتوافق وقيم مجتمعنا في شخصية الطفل، لأن الأسرة، وبالذات الوالدان،  تعتبر هي أول مدرسة يتعلم فيها الطفل القيم والاخلاق.. مشيرة إلى أن هناك دراسات عديدة تؤكد أن انفصال الوالدين أو طلاقهما يؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل وشخصيته، كما يؤثر عليه ذلك من الناحية النفسية والاجتماعية والتحصيل العلمي.

ولفتت إلى وجود دراسات نفسية استهدفت الأطفال والمراهقين، تشير إلى أن الأطفال يشعرون بالخوف والارتباك نتيجة أنهم يشعرون بتهديد أمنهم، وقد يعتقدون أنهم هم السبب في انفصال والديهما أو طلاقهما.. موضحة أن إحدى الدراسات الأمريكية التي نشرت في إحدى المجلات تقول إن خبر الطلاق على الأطفال أشد وطأة من خبر وفاتهما. لذا، يجب إيجاد وسيلة مناسبة لإخبارهم بذلك تدريجياً إذا وصل الوالدان لهذا القرار (الانفصال أو الطلاق).

ونوهت د. هناء شفيق أن الطفل من سن خمس إلى اثني عشرة سنة يكون حساساً، ومن سن ست إلى ثمان سنوات قد يكون أكثر حساسية، والسبب أنها فترة انتقال من الأفكار داخلية المنشأ (داخل الأسرة) إلى الأفكار خارجية المنشأ (خارج الأسرة)، ثم الانتقال من التفكير المجرد إلى التفكير المعنوي.
مؤكدة أن هذه التأثيرات قد تستمر من مرحلة الطفولة المبكرة حتى مراحل متأخرة، فقد يصاب الأطفال باضطرابات نفسية ومشاكل سلوكية ونوبات من القلق والخوف، تستمر فترات طويلة من حياتهم.

الوالدان هما أول نموذج للطفل:

وقالت الناشطة المجتمعية، رباب عبده مهيوب، إن التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل مهمة جداً، ويلعب الوالدان فيها الدور الأساسي في ذلك، فهما أول نموذج يحتذي به الطفل ويتعلم منهما القيم والسلوكيات وأساليب التفاعل مع الآخرين، من خلال العلاقة اليومية بين الطفل ووالديه، وهما من يوفران له الدعم العاطفي والأمان، وهذا يساعد الطفل على النمو النفسي والاجتماعي السليم.

وأضافت أن الطفل يكتسب مفاهيم الاحترام والانضباط والتعاون والتعاطف، وأساليب التعبير عن المشاعر، وفهم الأدوار الاجتماعية المختلفة من الوالدين، من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.. مشيرة إلى أن انفصال الوالدين قد يسبب اضطرابات نفسية وعاطفية للطفل، تختلف شدتها حسب عمر الطفل، فقد يصاب الطفل بالقلق وعدم الأمان نتيجة غياب أحد الوالدين، والشعور بالذنب وعدم الثقة بالآخرين مستقبلاَ، خاصة في العلاقات العاطفية، وانخفاض تقدير الذات، بسبب الشعور بالرفض.

أهمية التنشئة السليمة للطفل:

وأكدت الإعلامية حنان فضل أن التنشئة الاجتماعية للطفل تتم عن طريق الوالدين، وذلك بالمتابعة اليومية للطفل ومراقبة أفعاله، وتعليمه القيم الاجتماعية والسلوك السليم، وطرق التعامل مع الاخرين وكيفية التواصل معهم، والتفريق بين الصح والخطأ، وإعطاؤه الحنان والحب، فكلما كانت التنشئة صحيحة وإيجابية من الأسرة، خاصة الوالدين، تربى الطفل في بيئة سليمة.

مشيرة إلى خطورة البيئة الأسرية غير السليمة للطفل، والتي تسودها قيم سلبية، فكلما كانت الأسرة تمثل بيئة غير آمنة للطفل، وعاجزة عن توفير الاستقرار العاطفي والنفسي له، اتجه الطفل فيما بعد لبيئة أخرى بحثاً عن استقراره النفسي، حتى وإن كانت هذه البيئة إجرامية، حيث يتعلم الطفل فيها التنشئة الإجرامية، ويسلك طريق الإجرام من خلال تعاطي المخدرات والسرقة وغير ذلك.

وأضافت حنان فضل قائلة: إن انفصال الوالدين أو طلاقهما له تأثير عكسي على تكوين شخصية الطفل واستقراره واتزان شخصيته، وتعامله مع الآخرين ومجتمعه بشكل عام، بسبب غياب أحد الوالدين عن حياته اليومية.

الاستقرار النفسي والعاطفي للطفل:

وأشارت ليزا أحمد باقطيان، مدير عام الإصدار والتوثيق بوزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، إلى أن الوالدين هما أساس التنشئة الاجتماعية للطفل، لأنه يتعلم منهما السلوك والقيم والعادات والتقاليد، وطرق التعامل مع المجتمع المحيط به.. فمتى ما كانت علاقة الوالدين وتربيتهما سليمة نتج عن ذلك طفل سليم نفسيا واجتماعيا وإيجابياً في مجتمعه.

وأكدت باقطيان أن انفصال الوالدين قد يؤثر بشكل سلبي في التنشئة الاجتماعية للطفل واستقراره النفسي والعاطفي وعلاقاته بالآخرين، حيث يصاب بالانطواء والسلوك العدواني، وتراجع في الاداء الدراسي، نتيجة الشعور بعدم الاستقرار الأسري. كل هذا يتوقف على طريقة تعامل الوالدين مع الانفصال ودرجة دعمهما للطفل في هذه المرحلة.

مشاركة الخبر