في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها شعب الجنوب، وتردي الخدمات وانهيار العملة.. ما هو موقف المرأة مما يحدث؟ وكيف تتعامل مع هذا الوضع الصعب؟ وما هي الرسائل التي تريد إيصالها للجهات المعنية؟ وما هي الحلول النهائية التي يجب تنفيذها على أرض الواقع؟ وما موقف المكونات النسوية مما يحدث في الجنوب من حملات التشويه التي تطال القيادات الجنوبية؟
هكذا كانت التساؤلات التي أردنا الحصول على إجابات عنها من نُخبة نسوية جنوبية، حيث أبدين استياءهن من الوضع المتدهور الذي استهدف بطريقة مباشرة شعب الجنوب، وهو ما يؤكد أن هناك أجندات عدائية لقضية الجنوب وشعبه.
تقول الأستاذة نادرة حنبلة: المرأة لم تُغيب عن الساحة، فئات الشعب بكل مكوناته النسوية خرجن للتعبير عن سخطهن الكبير لكل ما آلت إليه الأوضاع من تردٍ، بل وازدادت في غياب الراتب وارتفاع الأسعار بشكل جنوني..
وهناك من يعبر عن سخطه كل يوم سبت، وهو حق من الحقوق للتعبير المرأة، لأنها هي من تدير المنزل، وصلت للأسف للعجز ورأت فلدات أكبادها يعانون الجوع والحر والعطش. لا تغيب حفيدات نجوى مكاوي عن الساحة ومازالت مطالبهن بتحسين الاوضاع وأن شحب الصوت لكن الأمل موجود.
وتضيف نادرة حنبلة قائلة: أما ما طال من حملات على القيادة الجنوبية، فقد تعودنا عليها وأثبتنا بمطالبنا مع الجمهور المطالب بتحسين الوضع، وتوضيح بعض من الأمور، والحمدلله تجاوزنا باتحادنا كنساء يمثلهن الانتقالي وبقية النساء، بل واستطاع الشعب فرز من حاول الإساءة لحملة مناهضة الفقر والجوع.
وتقول في حديثها أيضاً: آن الأوان لاتخاذ موقف حاسم من شراكة المجلس الرئاسي، وتغيير الفاشلين في الحكومة، ومحاسبة الفساد، ولن تستقيم أي قيادة إلا بعودة قانون المحاسبة، والعمل الدؤوب لصالح تغيير واقع الحال إلى الأفضل، وعلى حكومتنا وقيادتنا في الانتقالي استغلال فرص تعديل الرأي العام العالمي لصالح الجنوب، ونحن بانتظار الخطوة القادمة ونحث عليها وبقوة.
وأما الدكتورة أفراح الحميقاني فتقول: المرأة الجنوبية صاحبة نضال سياسي ووطني يشهد لها التاريخ بذلك، وكان لها موقف واضح فهي ترفض سياسة التجويع وتخرج للميادين معلنة أنها لن تسكت عن ذلك، فهي صاحبة مواقف بطولية وترسل رسائل للجهات المعنية من خلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، لتقول ماذا تريدون من شعب الجنوب الباسل؟! كفى تجويعاً وقهراً ومعاناة، والحلول التي يجب تنفيذها هي إعطاء الشعب الجنوبي استقلاله وحريته وكرامة شعبه، وموقف المكونات النسوية من حملات التي تطال القيادات الجنوبية هو رفضها لذلك، وتأييدها للقيادات الجنوبية.
فيما تتحدث الإعلامية البارزة الأستاذة مريم الداحمة قائلة: في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في جنوبنا الحبيب، ومع تدهور الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار وانهيار العملة، أصبحت المرأة الجنوبية تقف في الصفوف الأولى لمواجهة هذا الواقع القاسي، ليس فقط بصبرها كأم وزوجة، بل كمواطنة فاعلة تحاول أن تحافظ على كرامة بيتها وسط هذا الانهيار المتسارع.
وتضيف الداحمة: المرأة اليوم، كالرجل، تعيش ضغطاً نفسياً ومعيشياً هائلاً. وفي ظل غياب الدولة وتجاهل الجهات المعنية، تقف إلى جانب شريكها في الأسرة، تحاول بكل ما تملك أن توفر لأطفالها أبسط مقومات الحياة. وبين أعباء المعيشة وانعدام الخدمات، تتحول إلى جدار صامد، يساند الرجل ويحملان معاً أعباء العائلة والمجتمع. لن نقول بأنها تحل محل الرجل، بل تكمل دوره، وتشاركه الصبر والمقاومة.
وأرسلت الداحمة رسالة للجهات المعنية قائلة:
كفى عبثاً بمستقبل الناس، كفى صمتاً تجاه معاناة المواطن الجنوبي، فالمرأة لم تعد تحتمل هذا الإهمال، ونطالب بخطة إنقاذ حقيقية تبدأ من إعادة الخدمات، وضبط أسعار العملة، وتفعيل الرقابة على الموارد.
أما عن الحلول، فنحن لا نطلب المستحيل، نريد:
إدارة كفؤة مستقلة بعيداً عن الفساد والمحاصصة، ودعم المشاريع الصغيرة للنساء لتأمين مصادر دخل، وإصلاح شامل لقطاع الكهرباء والمياه والصحة، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة.
وفيما يخص حملات التشويه التي تستهدف القيادات الجنوبية، أوضحت مريم الداحمة بأن المكونات النسوية يجب أن يكون لها موقف واضح في الدفاع عن المشروع الوطني الجنوبي، وعن كل من يحاولون النهوض به. نحن نرفض حملات الإساءة التي تُدار لتفتيت نسيجنا الوطني.
واختتمت الداحمة حديثها قائلة: إن المرأة الجنوبية ليست فقط مربية أجيال، بل حارسة للهوية وقضية شعبها.
الأستاذة نادرة عبدالقدوس، كاتبة صحفية ومدربة صحافة، تقول: لعل أكثر الناس معاناة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها شعب الجنوب حالياً، والتي تزداد سوءاً، هي المرأة، ذلك لأنها هي الزوجة التي ترعى شؤون بيتها وأسرتها، وهي الأم التي ترضع وتطعم أطفالها، لذلك فإن همها في توفير الغذاء يُعد من أولوياتها وفي مقدمة كل الاحتياجات للأسرة.
وكيف الحال لو كانت هذه الأم والزوجة موظفة أو عاملة في مؤسسة حكومية؟! حيث تعمل فيها منذ الصباح الباكر إلى بعد الظهيرة، يومياً، ثم تأتي نهاية الشهر دون أن تكون هناك بارقة أمل لاستلام الراتب الشهري، أي أن العمال والموظفين أصبحوا اليوم يعملون بنظام السخرة القديم الذي كنا نقرأ عنه في الأنظمة الاقطاعية والرأسمالية العفنة.
وأشارت عبدالقدوس: هنا يتطلب من النساء المثقفات في الجنوب، باختلاف مشاربهن السياسية، تنظيم صفوفهن وتكاتفهن لتعزيز اتحاد نساء الجنوب وإعادته إلى الواجهة، والإسراع في قيام فرع عدن والفروع الجنوبية الأخرى للاتحاد، والتنسيق المشترك مع منظمات المجتمع المدني الجنوبية ونقابات عمال الجنوب، والتضامن من أجل انتصار قضية الإنسان أولاً، وحقه المشروع في الحصول على الغذاء والدواء والسكن الملائم والرعاية الصحية والتعليم والخدمات، دون انقطاع، انطلاقاً من القوانين والمواثيق الدولية، وبحسب القوانين النافذة في بلادنا، بعيداً عن السياسة والحزبية الضيقة..
نحن اليوم أمام مفترق الطرق، أمام أزمة مفتعلة، سببها عدم وجود رقابة على الفاسدين ومحاسبتهم، أي ترك الحبل على الغارب، نتيجة هلامية الدولة وارتخاء إدارتها وهزالها الواضح للعيان.
وقالت عبدالقدوس: لا يقف المجلس الانتقالي مكتوف الأيدي أمام هذا المشهد المؤلم، الذي بدأت ملامحه بعد الوحدة غير المباركة، وبرزت بوضوح بعد الحرب الغاشمة على عدن واحتلال الجنوب في 7/7/1994، حيث تم تدمير البنية التحتية في كل المجالات، التعليمية والاقتصادية والصحية والعسكرية والثقافية والإعلامية، وتدمير كذلك المنظومة الاخلاقية...الخ.
وأردفت قائلة: فمنذ تأسيس المجلس الانتقالي في 11 مايو 2017م، أخذ على عاتقه مهمة استتباب الأمن في العاصمة عدن وفي محافظات الجنوب عموماً، والمهمة الثانية حمل ملف قضية الجنوب إلى المجتمعين الإقليمي والعربي والدولي، والمشاركة في المحافل الدولية المختلفة، بهدف التعريف بما يجري على أرض الجنوب منذ ثلاثة عقود مضت، وما أحدثته حرب عصابات الحوثيين ضد الجنوب والاعتداءت المتكررة على حدوده.
إلا أن هناك من يقلل من شأن نضال المجلس الانتقالي الجنوبي وقياداته، التي تعمل ليلاً ونهاراً من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الجنوب.
وتابعت بالقول: بل هناك قوى مناهضة تحاول تشويه صورة وسمعة قيادات في الانتقالي، مستغلة وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر إعلامية تقليدية موالية لأحزاب وأطراف سياسية معروفة بعدائها لشعب الجنوب منذ عام ١٩٩٠م، للتأثير على عقول البسطاء.
كما أن هناك عناصر جنوبية، للأسف، تمضي في غيها وتنساق كالبعير، دون تفكير، وراء هذه الأحزاب السياسية والمرتبطة أصلاً بدول تتربص بالجنوب منذ الاحتلال البريطاني، بهدف السيطرة عليه ونهب ثرواته التي ما زالت في باطنه.
واستطردت الأستاذة نادرة عبدالقدوس قائلة: رغم كل ما يحاك ضد المجلس الانتقالي وقياداته ومناصريه، إلا أن التغيير للأفضل قادم، وهناك خطى حثيثة من الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، بنفسه، نحو تحقيق وضع معيشي واقتصادي أفضل. وتظل الدعوة قائمة لنساء الجنوب إلى التكاتف والعمل من أجل مصلحة الجنوب ومستقبل شعبه، والارتقاء بدور المرأة الجنوبية وتعزيزه في معترك الحياة، والاستفادة من تاريخها التليد.
من جانبها، الأستاذة والإعلامية مرفت الربيعي تقول: تقف المرأة الجنوبية في قلب المعاناة، في ظل الأوضاع المعيشية القاسية التي يمر بها شعب الجنوب، واستمرار تدهور الخدمات العامة، وانهيار العملة المحلية. فلا تكتفي بدور المتفرج، بل تسعى بكل السبل للضغط والتأثير وإيصال صوتها.
موقف المرأة من الأوضاع الراهنة:
وأضافت الربيعي بأن المرأة الجنوبية عبرت عن رفضها الصريح لحالة التردي العام، وطالبت بتغييرات جذرية في منظومة السلطة، إذ تدرك أن الكلفة الباهظة للأزمات المتلاحقة تتحملها الأسر، في ظل غياب الموارد، وتفكك مؤسسات الحماية الاجتماعية، وانعدام الأمان الاقتصادي والمعيشي.
كيف تتعامل المرأة مع الوضع الصعب؟
وتشير مرفت الربيعي بالقول: تتعامل المرأة الجنوبية مع الوضع من موقع النضال اليومي، فمنهن من انخرطن في مبادرات تطوعية لإغاثة الأسر الأشد فقراً، وأخريات وجّهن طاقاتهن نحو التوعية والمناصرة، وهناك من رفعن أصواتهن في الوقفات الاحتجاجية، وأخريات قمن بتنظيم حملات إلكترونية للمطالبة بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين.
رسائل المرأة إلى الجهات المعنية:
أكدت مرفت الربيعي بأن المرأة تريد أن تكف تلك الحكومة عن تجاهل معاناة الناس، بالإضافة لإشراكها في القرار والتنفيذ، وإيجاد حلول حقيقية لأزمات الكهرباء، والمياه، والرواتب، والخدمات الصحية والتعليمية، ومحاسبة كل من عبث بمقدرات الجنوب.
الحلول المطلوبة:
وأشارت الربيعي إلى الأهمية الكبيرة في تفعيل دور الرقابة والمحاسبة في كل المؤسسات، بالإضافة إلى ضخ السيولة ومراقبة أسعار صرف العملة، وتقديم خدمات أساسية، وصرف مرتبات الموظفين، وخاصة المعلمين، لضمان استمرارية العملية التعليمية، ودعم المبادرات النسوية، وتمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً، وإشراكهن في الملفات الإنسانية والتنموية.
موقف المكونات النسوية من حملات التشويه ضد القيادات الجنوبية:
أكدت الأستاذة مرفت الربيعي أن العديد من المكونات النسوية رفضت وأدانت هذه الحملات المنظمة، واعتبرتها محاولة لضرب النسيج الجنوبي وزرع الفتنة والتشكيك بقياداته.. مشيرة إلى أن المرأة الجنوبية اليوم أكثر وعياً بما يُحاك، وتطالب بخطاب سياسي موحد، وتحقيقات نزيهة بدلًا من التشهير والتسريبات. فالمرأة الجنوبية ليست مجرد ضحية، بل هي طرف فاعل، ومكون أساسي في معادلة الصمود والبقاء، وترفض أن تكون حطباً في معارك لا تخدم الوطن ولا المواطن.