في وقتٍ يُفترض أن يكون فيه التعليم حجر الأساس لبناء الإنسان والمدينة، تتحوّل المدارس الحكومية في العاصمة عدن إلى عبءٍ جديد على كاهل المواطن المنهك.
قرار فرض رسوم شهرية بمبلغ وقدره 10000ألف ريال يمني، على أولياء الأمور في المؤسسات التعليمية الحكومية ليس إصلاحًا، ولا تعويضًا للمعلمين، بل إعلان غير مباشر عن تخلّي الدولة عن مسؤوليتها الأخلاقية تجاه أطفالنا، فيتحول التعليم من المجانية إلى تسليع المستقبل مع إن من حين خُلق الإنسان على هذه الأرض مدارس الدولة خُلقت لحمايته وحماية الضعيف، صارت اليوم تُطلب من الفقير أن يدفع كي يتعلّم.
لا كراسي لا معامل، لا كتب، لا كهرباء مستقرة، لكن يُفرض على الأهالي أن يدفعوا رسومًا شهرية وكأنهم في مدارس خاصة، فهل تحوّلت المدرسة من حق عام إلى مشروع خاص يبتلع ما تبقّى من راتب المواطن إن وجد الراتب؟
هذا القرار سيؤدي حتمًا إلى إنهاك الطالب واستنزاف ولي الأمر بين الكتب التي لا تصل، والمعلم الذي لا يُكرّم، والصفّ الذي يضيق، والتدهور في المناهج التعليمية التي، تعاني من جمود فكري وغياب التحديث الذي يواكب العصر، مما يُضعف التحصيل العلمي للطالب ويُفقد التعليم دوره التنويري، يُصبح الطالب أمام تجربة تعليمية مشوّهة، ترهقه نفسيًا وماديًا.
أما ولي الأمر، فيكابد بين توفير لقمة العيش الصعبة، ورسوم تعليم لا يُنجز، وبينهم تقف كرامته مثقلة بتساؤلات لا يجيب عليها أحد.
نحن أصبحنا نعيش وسط فساد منظومة لا تعترف بالأولويات وزارة التربية والتعليم، بدلًا من إصلاح المناهج والبنية التحتية، تُمعن في فرض ما لا يليق: رسوم بلا خدمات، وقرارات بلا رؤية.
سؤال هل من المنطقي أن يُطلب من المواطن أن يُموّل فشل الحكومة؟ وهل نحمّل الناس تبعات عجز الدولة عن حماية الحق الأصيل في التعلّم؟
فيالعاصمة عدن، لم يُعدُّ الصمت يُجدي، أهلها يكتبون المعاناة في دفاتر الصبر، ويحفظون الأمل في عقول أطفالهم رغم التشوّه المتعمد للتعليم.
الرسالة اليوم يجب أن تكون واضحة: التعليم ليس سلعة، ولا مساحة لتجريب سياسات الإفلاس المؤسساتي، التعليم حق، والحقوق لا تُموّل من جيب الجائع"