في السنوات الأخيرة، ظهر تطبيق "تيك توك" على الساحة، وبسرعة غير متوقعة أصبح جزءًا أساسيًا من حياة ملايين الأشخاص. في البداية كان مجرد منصة للترفيه، للرقص، للمقاطع الطريفة، لكن فجأة تغير كل شيء.
النهارده، أي شخص ممكن يفتح الكاميرا، ويصوّر بيته، مشاكله، أسراره، وأحيانًا مشكلات أسرته بالكامل… ويعرضها للعالم بدون تفكير.
بقينا نشوف: زوجة بتصور زوجها وهو بيزعق وتقول "قولوا رأيكم فيه".
أمّ بتبكي وتحكي عن خيانة بنتها قدام آلاف الغرباء.
شباب وبنات بيصوروا كل لحظة في حياتهم: أكلهم، نومهم، مرضهم، مشاكلهم الشخصية، وحتى جنازات أهلهم.
والمصيبة.. الناس بقت تتفاعل، تشجع، وتحكم كأنهم في محكمة علنية… وكل ده على فيديو لا يتعدى دقيقة!
الخصوصية اتكسرت بإيدينا:
زمان كنا بنخاف نحكي أسرارنا لأقرب الناس، دلوقتي بننشرها على الملأ وبنستنى التعليقات!
كان زمان في جملة مشهورة: "البيوت أسرار". النهارده الجملة دي بقت من الماضي، لأن بعض الناس قرروا أن حياتهم بالكامل تبقى "تريند" مهما كان الثمن.
تيك توك حول الخصوصية إلى سلعة، والناس بقت تبيعها عشان شوية لايكات، مشاهدات، أو حتى عشان حد يواسيهم… والنتيجة؟ فقدنا معنى "الحياة الخاصة".
ليه الناس بتعمل كده؟ فيه أسباب كتيرة، منها:
الوحدة: ناس كثير مش لاقية حد يسمعهم، فبتلجأ للسوشيال ميديا كمتنفس.
الشهرة السريعة: ناس بتحب الظهور بأي شكل، حتى لو على حساب كرامتهم أو أسرهم.
الربح المادي: في ناس بيكسبوا من المشاهدات، فبيستغلوا أي شيء ممكن يجذب الانتباه.
غياب الوعي: في جيل طالع فاكر إن كل حاجة لازم تتصور، ولازم يحكي كل تفاصيله حتى لو كانت محرجة أو خطيرة.
النتائج الخطيرة:
الموضوع مش بسيط، ووراه أضرار كبيرة جدًا، منها:
تدمير العلاقات: كم بيت اتخرب عشان فيديو؟! كم صداقة انتهت بسبب كلام اتقال قدام الكاميرا؟!
استغلال الأطفال:
في أمهات بتستغل ولادها في التريند، تصورهم وهم بيعيطوا، أو في مواقف محرجة لمجرد زيادة المتابعين.
ضياع سمعة الناس:
اللي بيطلع يتكلم عن زوجته أو أهله أو نفسه بطريقة مسيئة، بينسى إن الفيديو ده مش هيموت… هيفضل على الإنترنت سنين.
تطبيع الفضائح:
بقينا نتفرج على مصايب وكأنها دراما، نضحك ونعمل شير، ونسينا إننا بنتفرج على واقع مؤلم حقيقي.
فين الخط الفاصل؟
تيك توك مش كله وحش. فيه محتوى مفيد، ناس بتتكلم عن التنمية، الطبخ، التعليم، الحرف… لكن المشكلة في الحدود.
لازم نسأل نفسنا: هل لازم كل حاجة تتصور؟
هل حياتي الخاصة تستحق إنها تبقى مسلية للناس؟
هل المشاهدات أهم من سُمعة أو راحة أو ستر؟
رسالة لكل واحد بيفتح الكاميرا: قبل ما تصور وتشارك، اسأل نفسك: هل الفيديو ده ممكن يحرجني قدام حد بكرة؟ هل هو هيضر حد من أهلي أو أصدقائي؟ هل هفتخر بيه بعد سنة؟ ولا هندم عليه؟
وخلي في بالك دايمًا: الستر أجمل بكتير من الشهرة.
والكلام اللي بنقوله قدام الكاميرا ممكن يعيشنا ندم سنين.
وفي النهاية.. مش كل شيء في حياتنا لازم الناس تعرفه. في.تفاصيل لازم تفضل بيننا وبين ربنا، بينا وبين أهلنا، بينا وبين نفسنا.
السوشيال ميديا بتنسى، لكن الإنترنت ما بينساش.
وكرامتنا وسمعتنا مش لازم تكون "محتوى" علشان الناس تحبنا.
خلّي دائمًا في حياتك جزء "مايتشافش"، وجزء "مايتقالش". وسيب لنفسك خصوصية تحميك وتحافظ على قيمتك.